فمن هذا
الأصل العريق ليس بمستغرب أن تجلس ذات يوم فى طفولتها فى حجر أبيها
وقد أخذ يلاطفها ويداعبها ثم قال لها: قولى واحد؟
فقالت: واحد،
فقال لها: قولى اثنين؟ فسكتت،
فقال لها: تكلمى،
فقالت: يا
أبتاه ما أطيق أن أقول اثنين بلسان أجريته بالواحد،
فضمها رضى الله عنه إلى صدره وقبلها بين عينيها.
إنه التوحيد
فى أبسط صوره وأسمى معانيه، نطقت بلسان طلق ما يحتويه قلبها الطاهر
وروحها السامية الموحدة التى هى فرع من منابت الشجرة المحمدية التى
نمت فى أحضان جدها صلوات ربى وسلامه عليه وارتوت بعلم هادى الأمة
الإمام على كرم الله وجهه.
ولدت رضى
الله
تبارك وتعالى
عنها فى شهر
شعبان سنة 5 هجرية الموافق 626م على الراجح أى أدركت من حياة
الحبيب صلوات ربى
وسلامه
عليه ما
يقرب من خمس
سنوات، فنشأت محفوفة من جدها بعناية لم تتوفر لفتاة فى العرب من قبل أو بعد فدرجت
هذه الوليدة الطاهرة على أكرم الخصال وأعرق الصفات وأشرف الفعال
حتى اكتمل عقدها ونما عودها، فلما أينعت وبلغت مبلغ الزواج تهافت
عليها طلاب الشرف من شباب بنى هاشم وقريش وتسابقوا إلى نيل ذلك
المجد حتى تكون أحسابهم كريمة وبيئتهم مصونة فكان أحق بها من هؤلاء
من هو على المكارم
خلقا
ودينا، سليل بيت النبوة ابن عمها سيدنا عبد الله بن جعفر بن أبى
طالب
الملقب بـ (الطيار) و(ذى
الجناحين)
الذى كان شهما كريما عفوا جوادا لا يضن بمعروف ولا يرد سائلا، فهو
فى الكرماء واسطة العقد وفى الشجعان ليث الغاب، إذا ذُكر
الأجواد فى العرب كان عبد الله بن جعفر هو المقدم فيهم وإذا عد أهل
النجدة كان هو سابق
حلبتهم،
فزوجها أبوها
منه،
وولدت له عليا وعونا ويدعى بالأكبر وعباسا ومحمدا وأم كلثوم رضى
الله تبارك
وتعالى عنهم
أجمعين، وذريتها موجودة إلى الآن
وبكثرة.
ويقول الإمام
فخر الدين رضى الله عنه فى حقها:
بزينب الكبرى
سألتك جدها |
|
دوام حبيات
الأمان لعترتى |
|