سيدنا زكريا وسيدنا يحيى عليهما السلام

هو زكريا بن برخيا بن عِدُّو بن مسلم بن صدوق بن يحسان بن داود بن سليمان بن مسلم بن صديقة بن ناحور بن سلوم بن ثهفاساط بن أبيا بن رحيعم بن سليمان بن داود عليهم السلام.

قال الله تعالى {وزكريا إذ نادى ربه رب لا تذرنى فردا وانت خير الوارثين v فاستجبنا له ووهبنا له يحيى} لما كفل سيدنا زكريا السيدة مريم بنت عمران بن ماثان، كان كلما دخل عليها محرابها وجد عندها فاكهة فى غير أوانها وهذه من كرامات الأولياء، فعلم أن الرازق للشئ فى غير أوانه قادر على أن يرزقه ولدا وإن كان قد طعن فى سنه، هنالك دعا زكريا ربه قال {رب هب لى من لدنك ذرية طيبة إنك سميع الدعاء} وقوله {وإنى خفت الموالى من ورائى وكانت امرأتى عاقرا} قيل المراد بالموالى العصبة وكأنه خاف من تصرفهم من بعده فى بنى إسرائيل بما لا يوافق شرع الله وطاعته، فسأل وجود ولد من صلبه يكون برا تقيا مرضيا، ولهذا قال {فهب لى من لدنك} أى من عندك بحولك وقوتك وليا يرثنى، أى فى النبوة والحكم فى بنى إسرائيل، ويرث من آل يعقوب واجعله رب رضيا، كما كان آباؤه وأسلافه من ذرية يعقوب أنبياء، فاجعله مثلهم فى الكرامة التى أكرمتهم بها من النبوة والوحى، وليس المراد وراثة المال كما زعم البعض.

وحين نادته الملائكة {إن الله يبشرك بيحيى مصدقا بكلمة من الله وسيدا وحصورا ونبيا من الصالحين} فلما بشر بالولد وتحققت البشارة شرع يستعلم على وجه التعجب وجود الولد وهو على هذه الحالة، قال: رب أنى يكون لى غلام وكانت امرأتى عاقرا وقد بلغت من الكبر عتيا؟ أى كيف يوجد ولد من شيخ كبير، وكان عمره إذ ذاك سبعا وسبعين سنة، وقيل أسن من ذلك، وكانت امرأتى عاقرا فى حال شبيبتها لا تلد، كما قال الخليل أبشرتمونى على أن مسنى الكبر فبم تبشرون؟ وقالت سارة يا ويلتى أألد وأنا عجوز وهذا بعلى شيخا ان هذا لشئ عجيب؟ {قالوا أتعجبين من أمر الله رحمة الله وبركاته عليكم أهل البيت انه حميد مجيد} وهكذا أجيب سيدنا زكريا عليه السلام قال له الملك الذى يوحى إليه بأمر ربه {كذلك قال ربك هو على هين} أى هذا سهل يسير عليه وقد خلقتك من قبل ولم تك شيئا، أفلا يوجد منك ولدا وان كنت شيخا وقال تعالى {فاستجبنا له ووهبنا له يحيى} وقيل معنى إصلاح زوجته أنها كانت لا تحيض فحاضت، قال رب اجعل لى آية، أى علامة على وقت تعلق منى المرأة بهذا الولد المبشر به قال آيتك أن لا تكلم الناس ثلاث ليال سويا يقول علامة ذلك أن يعتريك سكت لا تنطق معه ثلاثة أيام إلا رمزا وأنت فى ذلك سوى الخلق صحيح المزاج معتدل البنية وأمره بكثرة الذكر فى هذه الحال بالقلب واستحضار ذلك بفؤاده بالعشى والابكار، فلما بشر بهذه البشارة خرج مسرورا بها على قومه من محرابه فأوحى إليهم أن سبحوه بكرة وعشيا، والوحى ههنا هو أمر الخفى إما بكتابة أو إشارة، وقوله {يا يحيى خذ الكتاب بقوة وآتيناه الحكم صبيا} يخبر سبحانه عن وجود الولد وفق البشارة الإلهية لأبيه زكريا عليه السلام وأن الله علمه الكتاب والحكمة وهو صغير فى حال صباه.

وقال عبد الله بن المبارك قال معمر قال الصبيان ليحيى بن زكريا: اذهب بنا نلعب؟ فقال ما للعب خلقنا وذلك قوله {وآتيناه الحكم صبيا}.