سيدنا إدريس عليه السلام

يقول الحق سبحانه وتعالى {واذكر فى الكتاب إدريس إنه كان صديقا نبيا  v ورفعناه مكانا عليا} إنه عليه السلام أخنوخ بن يرد بن مهلائيل بن قينان بن أنوش بن شيث بن آدم وسمى (إدريس) لكثرة درسه الكتب وصحف آدم وشيث، وأمه أشوت.

فسيدنا إدريس عليه السلام قد أثنى الله عليه ووصفه بالنبوة والصديقية، وكان عليه السلام أول من خط بالقلم وأول من خاط الثياب ولبس المخيط وأول من نظر فى علم النجوم  والحساب، قد بعثه الله إلى ولد قابيل ثم رفعه إلى السماء، وقد قيل أنه أدرك من حياة سيدنا آدم عليه السلام ثلاثمائة سنة وثمانى سنين، وقد ثبت فى الصحيحين فى حديث الإسراء أن رسول الله صلى الله عليه وسلم مر به وهو فى السماء الرابعة.

وفيما أورده وهب بن منبه أن سيدنا إدريس كان يرفع له كل يوم من العبادة مثل ما يرفع لأهل الأرض جميعهم فى زمانه، فتعجبت منه الملائكة واشتاق إليه ملك الموت، فاستأذن الله فى زيارته، فأذن له، فأتاه فى صورة بنى آدم، وكان إدريس يصوم الدهر، فلما كان وقت إفطاره دعاه إلى طعامه، فأبى أن يأكل، وفعل ذلك ثلاث ليال، فأنكره، وقال له فى الليلة الثالثة إنى أريد أن أعلم من أنت؟ قال أنا ملك الموت استأذنت ربى أن أزورك وأصاحبك فأذن لى فى ذلك، فقال له إدريس: لى إليك حاجة، قال ماهى؟ قال اقبض روحى، فأوحى الله تعالى إليه أن اقبض روحه، فقبض روحه ثم ردها الله عليه بعد ساعة، فقال له ملك الموت فما الفائدة فى سؤالك قبض الروح؟ قال لأذوق كرب الموت وغمه فأكون له أشد استعدادا، ثم قال له لى إليك حاجة أخرى، قال وما هى؟ قال ترفعنى إلى السماء لأنظر إليها وإلى الجنة، فأذن له فى ذلك، فلما قرب من النار قال لى إليك حاجة، قال وما تريد؟ قال تسأل مالك يفتح لى أبواب النار حتى أراها؟ ففعل ذلك، ثم قال فكما أريتنى النار فأرنى الجنة، فذهب به إلى الجنة، فاستفتحها ففتحت له أبوابها فدخلها، فقال له ملك الموت اخرج لتعود إلى مقرك، فتعلق بشجرة وقال لا أخرج منها، فبعث الله حكما بينهما، فقال له الملك: مالك لا تخرج؟ قال لأن الله تعالى قال {كل نفس ذآئقة الموت} وقد ذقته، وقال تعالى {وإن منكم إلا واردها} وقد وردتها، وقال تعالى {وما هم منها بمخرجين} فلست أخرج، فقال الله تعالى لملك الموت: دعه فإنه بإذنى دخل الجنة وبأمرى لا يخرج، فهو حى هناك فتارة يعبد الله فى السماء الرابعة وتارة يتنعم فى الجنة.