سيدنا أيوب عليه السلام

قال ابن اسحق كان رجلا من الروم وهو أيوب بن موص بن زارح بن العيص بن إسحاق بن إبراهيم الخليل، وقيل هو أيوب بن موص بن رعويل بن العيص بن إسحاق بن يعقوب وقيل غير ذلك.

وحكى ابن عساكر أن أمه بنت سيدنا لوط عليه السلام، وقيل كان أبوه ممن آمن بسيدنا إبراهيم عليه السلام يوم ألقى فى النار فلم تحرقه، والمشهور الأول لأنه من ذرية إبراهيم كما قررنا عند قوله تعالى {ومن ذريته داود وسليمان وأيوب ويوسف وموسى وهارون} والصحيح أن الضمير عائد على إبراهيم دون نوح عليهم السلام وهو من الأنبياء المنصوص على الإيحاء إليهم فى سورة النساء فى قوله تعالى {إنا أوحينا إليك كما أوحينا إلى نوح والنبيين من بعده وأوحينا إلى إبراهيم وإسماعيل واسحق ويعقوب والأسباط وعيسى وأيوب} فالصحيح أنه من سلالة العيص بن إسحاق وامرأته وقيل اسمها ليا بنت يعقوب، وقيل رحمة بنت أفرائيم، وقيل منشا بنت يوسف بن يعقوب وهذا أشهر.

قال تعالى {وأيوب إذ نادى ربه أنى مسنى الضر وأنت أرحم الراحمين فاستجبنا له فكشفنا ما به من ضر وآتيناه أهله ومثلهم معهم رحمة من عندنا وذكرى للعابدين}.

وقال تعالى فى سورة ص {واذكر عبدنا أيوب إذ نادى ربه أنى مسنى الشيطان بنصب وعذاب أركض برجلك هذا مغتسل بارد وشراب ووهبنا له أهله ومثلهم معهم رحمة منا وذكرى لأولى الألباب وخذ بيدك ضغثا فاضرب به ولا تحنث إنا وجدناه صابرا نعم العبد إنه أواب}.

وروى ابن عساكر من طريق الكلبى أنه قال أول نبى بعث إدريس ثم نوح ثم إبراهيم ثم اسماعيل ثم اسحق ثم يعقوب ثم يوسف ثم لوط ثم هود ثم صالح ثم شعيب ثم موسى وهرون ثم الياس ثم اليسع ثم عرفى بن سويلخ بن أفرائيم بن يوسف بن يعقوب ثم يونس بن متى من بنى يعقوب ثم أيوب بن زراح بن آموص بن لبفرز بن العيص بن اسحق بن إبراهيم وفى بعض هذا الترتيب نظر فإن هودا وصالحا المشهور أنهما بعد نوح وقبل إبراهيم والله أعلم.

قال علماء التفسير والتاريخ وغيرهم كان أيوب رجلا كثير المال من سائر صنوفه وأنواعه من الأنعام والعبيد والمواشى والأراضى المتسعة بأرض البثينة من أرض حوران

وحكى ابن عساكر أنها كلها كانت له وكان له أولاد وأهلون كثير فسلب من ذلك جميعه وابتلى فى جسده بأنواع البلاء ولم يبق منه عضو سليم سوى قلبه ولسانه يذكر الله عز وجل بها وهو فى ذلك كله صابر محتسب ذاكر لله عز وجل فى ليله ونهاره وصباحه ومسائه وطال مرضه حتى عافه الجليس وأوحش منه الأنيس وأخرج من بلده وألقى على مزبلة خارجها وانقطع عنه الناس ولم يبق أحد يحنو عليه سوى زوجته كانت ترعى له حقه وتعرف قديم إحسانه إليها وشفقته عليها فكانت تتردد إليه فتصلح من شأنه وتعينه على قضاء حاجته وتقوم بمصلحته وضعف حالها وقل ما لها حتى كانت تخدم الناس بالأجر لتطعمه وتقود بأوده رضى الله عنها وأرضاها وهى صابرة معه على ما حل بهما من فراق المال والولد وما يختص بها من المصيبة بالزوج وضيق ذات اليد وخدمة الناس بعد السعادة والنعمة والخدمة والحرمة فإنا لله وإنا إليه راجعون وقد ثبت فى الصحيح أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال أشد الناس بلاء الأنبياء ثم الصالحون ثم الأمثل فالأمثل يبتلى الرجل على حسب دينه فإن كان فى دينه صلابة زيد فى بلائه ولم يزد هذا كله أيوب عليه السلام الا صبرا واحتسابا وحمدا وشكرا حتى أن المثل ليضرب بصبره عليه السلام ويضرب المثل أيضا بما حصل له من أنواع البلايا وقد روى عن وهب بن منبه وغيره من علماء بنى إسرائيل فى قصة أيوب خبر طويل فى كيفية ذهاب ماله وولده وبلائه فى جسده والله أعلم بصحته وعن مجاهد أنه قال كان أيوب عليه السلام أول من أصابه الجدرى وقد اختلفوا فى مدة بلواه على أقوال فزعم وهب أنه ابتلى ثلاث سنين لا تزيد ولا تنقص وقال أنس ابتلى سبع سنين وأشهرا وألقى على مزبلة لبنى إسرائيل تختلف الدواب فى جسده حتى فرج الله عنه وعظم له الأجر وأحسن الثناء عليه.

 

 

 

 

أنى مسنى الضر وأنت أرحم الراحمين

سيدنا أيوب